11 أيلــول بداية إجتيــاح العالــم الإسلامــي
د.نسيب حطيط
قبل أحداث 11أيلول 2001 المشبوهة ، والتي أعلنت القاعدة المصنعة أميركيا والممولة خليجيا نشرت نظرية صدام الحضارات التي طرحها صامويل هنتغتون وتم تصوير الاسلام كدين إرهابي مناقض للديمقراطية والحرية والتطوروبدأ تصنيع بعض المجموعات بعناوين إسلامية منذ العام 1989 قبل بدءالإجتياح السوفياتي لأفغانستان وفق ما قاله مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر زبغنيو برجنسكي ،قامت أميركا وحلفائها ببدء إجتياح شامل للعالم الإسلامي على المستويين الميداني والحضاري ضد الإسلام كعدو مفترض ووحيد بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي.
ميدانيا وانطلاقا من إتهام القاعدة وبن لادن بتفجيرات 11أيلول ،بدأت أميركا وحلفائها بغزو أفغانستان للقضاء على القاعدة وتقويض نظام طالبان ،والتي تم تصنيعها بطلب أميركي ومساعدة المخابرات الباكستانية وبدعم مالي خليجي، وبعد إنقضاء خمس سنوات على الغزولم تسقط طالبان بل بدأت أميركا التفاوض معها بعنوان قادة طالبان المعتدلين، ولم تتوحد أفغانستان بل لا زالت منقسمة بين سيطرة طالبان ونظام كرزاي الرمزي والضعيف وبين الإحتلال الأميركي، ولم تهزم زراعة الأفيون والمخدرات بل زادت بفعل التجارة الأميركية والإستخدام الذاتي لجنود الإحتلال وهداياهم المحمولة الى بلدانهم نظرا للأسعار الرخيصة واستخدام المخدرات المصادرة .
وبعدما اطمأنت أميركا إلى قوتها وإلى القبول الضمني و الصمت الإسلامي على جرائمها اتجهت نحو العراق عام2003 فأسقطته بعنوان كاذب (أسلحة الدمار الشامل) بثمن قيمته مليون قتيل عراقي وخمسة ملايين يتيم وأرملة وخمسة ملايين لاجىء في الداخل ومليوني لاجىء الى الخارج وتقسيم العراق إلى طوائف وأقاليم ونهب ثرواته ،و اتجه الفيل الأميركي نحو سوريا وإيران ولبنان.
ففي لبنان حدثت جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وإنسحاب سوريا وتشكيل حكومة موالية يقودها السفير الأميركي جيفري فيلتمان توجت بالحرب الإسرائيلية في تموز2006 وفشل المشروع الأميركي وتعثر فكانت المحكمة الدولية ،الأداة الناعمة لضرب المقاومة وإحداث الفتنة الداخلية المذهبية.
إن أحداث أيلول الأميركية رسمت صورة جديدة للعلاقة بين الغرب والإسلام تتمثل بعلاقة الشرطي والمتهم ،علاقة خوف وإرتياب وفق ما اصطلح على تسميته(اسلاموفوبيا)على المستوى الثقافي والسلوكي ،وتحول المسلم إلى قنبلة متحركة وإرهابي متوحش يهدد الأمن الغربي ،وتلازمت (الاسلاموفوبيا) بآلة إعلامية إستخباراتية وإنتهازية شكلت منظومة جديدة(الاعلاموفوبيا) تقوم بوظيفة كاسحة الألغام الإعلامية ضد أي بلد أو جماعة تعلن مقاومتها للمشروع الأميركي، فتعلن أميركا خططها لضرب الجماعات الإرهابية تنفيذا لمشروع مكافحة الإرهاب الإسم الرمز لمشروع الغزو والإحتلال الأميركي للبلاد العربية والإسلامية.
في قراءة هادئة لخريطة العالم نرى أن التمدد والالغزو الأميركي خارج الحدود منذ أيلول 2001 ينحصرفي جغرافية العالم الإسلامي حيث تحولت إلى ساحة حرب مثقلة عبر الإحتلال والقصف المباشر أميركيا أو إسرائيليا أو عبر الأنظمة التابعة لأميركا وتغذية الفكر الديني السلفي التكفيري الذي يتفجر في محيطه قبل أن يقاتل العدو الأميركي ويغيب تماما عن قضية الصراع العربي الإسرائيلي ولا يقارب مسألة تحرير القدس أو قتال إسرائيل ومثل قنابل موقوتة داخل المجتمعات الإسلامية ونشر الفوض وزعزعة الأمن والأهم أنه التزم ونشر عقيدة دينية تفهم الإسلام وفق منظور ضيق وأعور بعنوان الإلتزام بالسلف الصالح ظاهرا لكن الحقيقة أنها تخالف السلف الصالح في الجوهر.
لقد شنت أميركا في الماضي حروبا عديدة، ومنذ عام1989 وحتى الأن شهدت تزايدا خطيرا لللنزعة العسكرية وفي عدد الحروب التي شنتها بعد الحرب العالمية الثانية ففي الخمسينات شنت الحرب ضد كوريا الشمالية وفي الستينات والسبعينات شنت الحرب ضد فيتنام ، أما في عام 1989فقد شنت أميركا عدوانا على بنما ،ثم العراق عام 1991 وواصلت هذا العدوان حتى االآن وفي العام 1998 أغارت على السودان وأفغانستان وفي عام 1999شنت مع حلفائها في الحلف الأطلسي عدوانا شاملا على يوغسلافيا وتهدد بعمليات عسكرية ضد ايران وسوريا وبلدان أخرى ،مع الجهد الحثيث لنشر التطرف الإسلامي الموجه اميركيا لزعزعة العالم الإسلامي وفق الوقائع التالية :
- العراق توسعت الحركات السلفية وخلايا القاعدة وأشعلت نارا مذهبية ساهمت في تقسيم المجتمع العراقي الموحد تاريخيا ،وكانت نسبة العمليات ضد الأميركيين أقل بكثير من السيارات المفخخة ضد المدنيين.
- أفغانستان يعيش الشعب الأفغاني تحت عبء حركة طالبان والإحتلال الغربي وانتشار الفكر السلفي الطالباني مما ادى الى تراجع أفغانستان عقودا إلى الوراء بعد إحتلال قارب العشر سنوات.
باكستان: أصيبت بالعدوى السلفية ووضعت باكستان في دائرة تلقي الصفعات من الطرفين الأميركي الذي يتهمها بدعم الإرهاب وطالبان- باكستان التي تتهمها بالتواطؤ مع الأميركيين خاصة بعد ادعاء الأميركيين باغتيال بن لادن على الأرض الباكستانية(عملية جيرونيمو في استعادة لقتل زعيم الأباشي من الهنود الحمر سكان أميركا الأصليين).
- الشيشان وطاجكستان وغيرها من دول الإتحاد السوفياتي السابق تحولت إلى ساحة للسلفيين الذين يريدون تعميم الإسلام ونشره بقوة السلاح في مكان غير مناسب وزمن غير مناسب بدل أن يلتقطوا الفرصة بعد انهيار الإتحاد السوفياتي وينشروا الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.
- اليمن :تم زرع خلايا القاعدة وبتواطئ بين النظام وأميركا لإعطاء الحجة والمبرر للأميركيين بإقامة قواعدهم العسكرية في اليمن ومياهها الأقليمية في خليج عدن ضمن مشروع السيطرة الأميركية على الشرق الأوسط.
لقد تحول العالم العربي والإسلامي إلى بؤر نارية متفجرة يرافقها الحصار الغربي للمسلمين على مستوى حركتهم واتصالاتهم ومنع بناء المآذن ومنع النقاب والحجاب وتحول المسلم إلى سجين متحرك في الغرب ومتهم حتى تثبت براءته ومتوحش يريد هدم الحضارة الغربية فعلى الصعيد الداخلي شددت أميركا الإجراءات الأمنية على نحو لم تشهده الحياة الأميركية من قبل وتشبه هذه الإجراءات الكثير مما كانت تنتقده أميركا ودول أوروبا الغربية من ممارسات في العالم الثالث مثل قوانين الطوارىء والسلامة الوطنية والإعتقال بدون إذن قضائي والمحاكم العسكرية والتعذيب ومراقبة البريد والهاتف والأنترنت ، والتشدد في إجراءات السفر والهجرة ومن اللافت للنظر أن الكونغرس الأميركي الذي كان يعطي الدروس لدول العالم وشعوبها في موضوعات التسرع في التشريع لإضفاء المشروعية القانونية لإجراءات السلطات التنفيذية فيها ،فقدأقر مشاريع القوانين والإجراءات المتشددة التي اقترحتها الإدارة بسرعة لا مثيل لها في تاريخ التشريع الأميركي، مما يؤكد هشاشة ونفاق المؤسسة الحاكمة في التي تتباهى بها على العالم.
احداث ايلول بداية الإجتياح الإستعماري للعالم الإسلامي بالأساليب الناعمة والقاسية والشعارات الدينية وحقوق الإنسان والهدف الإستعماري الأميركي –الصهيوني والغربي واضح ومحدد ، السيطرة على العالم الإسلامي وتقسيمه وتفتيته والسيطرة على ثقافته وحضارته ونهب ثرواته ، والطريق الوحيد لإفشال هذا المشروع هو الوحدة والمقاومة والوعي .